خرج يونس من الجامعة، خطوات خارج حرم الجامعة وانقض عليه رجال البوليس بجوار البوابة وأمام أعين رقية.
عادت رقية إلى منزلها، كلما اعتقدت أن الأمور توشك على التحسن تجدها تزداد سوءا، حتى في أفضل اللحظات اليوم وهي تجلس مع رسول حاتم، توصيه بالسلام، وتتخيل عيني حاتم وهو يفتح ذلك الكتاب ليجد رسالتها التي خبأتها بداخله.
شيء ما يحول بينها وبينه، كلما اعتقدت أنها اقتربت منه تجد نفسها قد عادت إلى نقطة البداية من جديد، حتى عندما مرضت كاميليا اعتقدت أن الطريق إلى قلب حاتم أصبح خاليًا، فكان حادث مقتل ياسمين. ماذا لو لم تقتل ياسمين؟ أعتقد لكنا الآن نرتب لمستقبلنا سويا، أنا لا أكره كاميليا، ولكن بالتأكيد ظروفها الحالية لا تسمح بالزواج، ولكن هل هذا سيجعلها تغفر لي فعلتي إن ارتبطت بحاتم؟
غبية يا رقية، تتحدثين وكأن حاتم يقف على الباب يتقدم لخطبتك، غبية كعادتك، أكرهك حين تكونين طفلة، أكره هذا الخيال الذي تحلقين فيه للأعلى ثم تهوين به وبي إلى سابع أرض، أتمنى ألا يسألني والدى عن رأيي في ذلك المتقدم للزواج، رأسي تكاد تفلق نصفين، ربما مع كوب شاي وحبة إسبرين للصداع أصبح أفضل.
كانت رسائل ياسمين ما زالت في الدرج المجاور لسرير رقية، تلتفت إليهم من وقت لآخر إلا أنها كانت تتردد في قراءتها أو فتحها، لا تنكر أنها كانت تغار، وهل يغار من الميت؟ الغيرة تكون حتى من جمادات الأشياء، حين تحب أحدهم فإنه من الممكن أن تغار من ذلك الهواء الذي يتسلل إلى صدره وذاك الدم الذي يجري في عروقه.
“من ياسمين إلى حاتم..
اليوم وفي حدود الرابعة عصرا رأيتك على كرسيك المعتاد المقابل لهواء شرفتك البحرية، أتمنى أن تكون قد سمعت الأغنية المذاعة في الراديو، لقد رفعت صوتها حتى تسمعها، لقد كانت أغنية ليلى مراد. أتمنى أن تكون أحببتها كما أحبها، فأنا أعشق الأشياء حين تجمعنا حتى ولو كانت حب أحدهم”.
كانت رقية تقرأ رسائل ياسمين بمشاعر مختلفة، تغار منها حينا، وتملؤها الشفقة عليها حينا، حتى تدمع عيناها، مسكينة هي ياسمين! كتبت رسائل لم تصل لأحد، لقد أحبته بجنون ولكنه حب خائف، لماذا لم تصارحه؟ لماذا لم تخبره بحبها؟ هل من الممكن أن يجتمع جنون الحب والخوف في آن واحد؟ هل تستغربين ياسمين يا رقية؟ وما الفرق بينك وبينها؟ حتى أنت لم تصارحي حاتم بحبك فبقيت تدورين في فلكه كنجم يدور حول الشمس لا يسقط ولا يصطدم به. هل سينتهي الحال بي كما انتهى بياسمين رحمة الله عليها؟