كان سائق التوكتوك متعجبا ومذهولًا من الحيوية والنشاط الذي عادت به ناهد بعد
زيارتها لمنزلها، والابتسامة التي لم تفارقها للحظة، وهما يتبادلان الحديث والضحكات
حتى وصلا إلى ضفاف النيل، وجلسا يستمتعان بوقتهما يتابعان الغروب. كثيرا ما كانت وجنتا
ناهد تحمران خجلًا من كلماته الرقيقة، وهي تصف إعجابه بها، وبقدرتها على لفت أنظاره
رغمًا عن كافة الفتيات.. كانت كل تلك الكلمات تقع على أذنيها ترفع من روحها المعنوية
تارة، وتارة أخري لا تصدق هل تلك الكلمات عنها..
تساؤلات وحيرة كانت تدور في ذهن ناهد ما بين الواقع الذي رسخه الجميع فيها بأنها
قبيحة لن تسترعي اهتمام أي شخص، وبين حُلمها بأن تصبح عاشقة مثل كل الفتيات في مرحلتها
العمرية؛ فهي لم تخض تلك التجربة من قبل، وتتذكر حكايات الفتيات الأخريات عن أكثر من
تجربة كما لو أنهن يستبدلن جواربهن..
القشعريرة تنتاب جسد ناهد فور أن يلمس وجهها ليبعد خصلة من شعرها المتناثر بسبب
الهواء الذي ينساب حولهما ينشر سعادتها التي لا توصف فور مرور أحد بائعي الورود فيشتري
لها وردة حمراء يهديها إليها تحتضنها بيدها سعيدة سعادة لا توصف، ولكن عندما تطيل النظر
في لونها الأحمر الذي لا يختلف عن لون الدماء التي لن تمحى من على يديها أبد الدهر،
وترى بعينيها الوردة تنزف..
كان الشاب سائق التوكتوك يهز كتفي ناهد الشاردة ليجعلها تفيق، وتعي ما تفعل،
فلقد كانت تعتصر الوردة بيدها حتى أن يدها جُرحت من أحد الأشواك التي لم تزل على عودها،
والدم من يدها ينزف قطرات..
تستوعب ناهد الواقع متوترة، وتحاول أن تخفي توترها أمامه، وهو يتناول أحد المناديل
الورقية من جيبه ليغطي هذا الجرح الصغير، كانت تزداد سعادة وهو يحتضن يديها، ولكن بدأت
تستوعب اقترابه منها مما زاد من ارتباكها، وهو يغمرها بكلمات حنونة لم تستمع إليها
من قبل، حتى تستسلم مستندة على كتفه، وهو يحتضنها بذراعيه، ويضمها إليه، وغابت الشمس
وهما يتحدثان، ولا تزال مرتمية في أحضانه التي صارت تقوى لحظة بعد لحظة.