لطالما تعصفُ الرياحُ سيدتي؛ ولَكِنَّها لا تُحَرِّكُ الجبالَ"
-"بعضُ الرياحِ تفعلُ،أَمْ أقولُ أعاصيرَ"
باغتني صوت "ملون" مِن الخلفِ؛ وتسارعتْ دقاتُ قلبي؛ استدرتْ؛ لأجدَهُ مبتسمًا مرتديًا بذلةً عسكريَّةً سَوْدَاءَ؛ جعلتْ عينيه، وكأنَّهما تَشَعُّانِ؛ لَمْ أتمالكْ نفسي؛ وابتسمتُ لَهُ رغمًا عَنِّي, كان محاطًا بعددٍ مِن الفتياتِ بالطبعِ؛ كُنَّ ينظرْنَ لِي بحقدٍ واضحٍ ؛هَبَّتْ إحدى الفتياتِ لقولِ شيءٍ ؛ولَكِنَّ "ملون" قاطعها بمَدِّ ذراعه ناحيتي قائلًا:
-"آنسة ميرا هلا نتكلمُ على انفرادٍ"
نظرتُ له مترددةً؛ ولَكِنَّهُ عَرَضَ عَلِىَّ فرصةً لإنقاذي؛ أمسكتْ ذراعه؛ وقادنِي عبر الغرفة حتى وصلنا إلى إحدى النوافذ؛ وضعتُ كَأْسِي على حافة النافذةِ؛ ونظرتُ إليه متسائلةً:
-"حسنًا ما الأمرُ الذي تريدُ التكلم عنه ؟!"
-"لا شيء"
-"ماذا؛ كيف "لا شيء"؛ لقد سحبتَنِي بعيدًا عَنْ محادثةٍ مُهِمَّةٍ مع السيدة"
-"نَعَمْ، مع السيدة مَنْ؟؟؟!؛ أتحداكِ إنْ كنتِ تعرفينَ اسْمَها !!"
نظرتُ لمكان السيدة؛ ونظرتُ لها بتمعنٍ:
-"نَعَمْ، إنَّها تُدْعَى السيدة..مم..حسنًا"
عندها أمسك "ملون" بكتفي؛ ووجَّهنِي إلى الجهةِ الأخرى مِن الغرفةِ؛ وقال:
-"إنَّها هناك"
-"اللعنةُ كيفَ تَحَرَّكْتَ بتلك السرعة؟!"
ضحك "ملون" ممسكًا كَأْسِي؛ وتجرَّعَ ما بِهِ مِنْ عَصِيرٍ؛ وقال:
-"رائعٌ، أعتقدٌ أنَّها لَمْ تَكُنْ مُحَادَثَةً مُهِمَّةً"
-"مُهِمَّةً أو غير مُهِمَّةً؛ لَيْسَ مِنْ حَقِّكَ إبعادِي عنها؛ تَكَلَّمْ ما الذي تريدُهُ؟؟"
-"حَقًّا لا شيء؛ لقد مللتْ مِن الكلامِ مع تلكن الفتياتِ؛ وتعرفين تتطوَّرُ الأمور للمسِ؛ وأنا حَقًّا مِنْ عائلةٍ محافظةٍ؛ ويجبُ أنْ أحافظَ على شَرَفِي"