صدر حديثا عن كنوز للنشر والتوزيع، رواية شقة لندن، للكاتب الصحفي حمادة إمام.
«شقة لندن» رواية من وحي خيال الكاتب، وأي تشابه في الأحداث والأشخاص مع الواقع أو شخصيات حقيقية هو من قبيل المصادفة!!
فلندن ليست مثل باقي عواصم الدول، فهي كانت عاصمة الإمبراطورية البريطانية، وستظل حاضنة لذكريات وأسرار الإنسانية لمئات السنين القادمة، ومصدر إلهام لشعراء وسياسيين وروائيين، وداخل أدراج وزارة خارجيتها حكايات عن ملوك فقدوا عروشهم، وسياسيين فضلوها منفى اختياريًا، وفنانين قصدوها بحثًا عن الشهرة، ولصوص اختاروها ملاذًا آمنًا للاستمتاع بالأموال التي نهبوها.
وعلى أرضها دارت معارك فكرية وسياسية وجنائية، بعضها كان بسلاح القلم، والبعض الآخر استبدلت بالحنجرة الخنجر، وحلت الأنياب والأظافر محل الحوار، وغاب صوت العقل وحل صوت الرصاص.
واعتمد حمادة إمام في رواية شقة لندن، على فكرة فك الالتباس القائم بين شخصيات هاربة، يجمعها مكانا واحدا انتقلت إليه كرها، وتطلعات متباينة، وهي رواية رديفة لروايته الأولى.
في شقة لندن، تقع في إشكالية جدلية لا يهتم حمادة إمام برسم جغرافيتها، تنبع من سؤال مركزي، هل أنت أمام رواية بوليسية، لأنها متعلقة بجرائم يسعى الكاتب إلى تفكيك حلقاتها، تستبعد هذا التوقع مع الصفحات الأولى في الرواية، لأن العنصر البوليسي، المتعلق بالتحري عن القاتل غير متحقق، الرواية أشبه بتحقيق من الكاتب، ومن البطل أحيانا وهي أشبه بمنولوج داخل البطل، كما لا تستطيع أن تقول إنك أمام رواية سياسية، حتى لو كنت أمام شخصيات انشقت عن نظام سياسي، لكن حمادة إمام لا يهتم بتلك الإشكالية، ويترك للقارئ مساحة شاسعة للتفكير في ما يريد أن يقوله، فقد استبعد ترددات كلمة بوليس من الرواية، لأصدائها الكريمة على المتلقي، واكتفى بإشارات طفيفة عن وظيفة جديدة للشرطة في لندن، بعيدا عن البطش والقمع في بلد شخصياته الأصلي، وهي التستر والتقيد في وصف الجريمة بالانتحار.
الرواية صراع بين طرفين، الأول يمثل السلطة في الوطن الأم، التي ترى أن هؤلاء يمثلون خطرا وجوديا، بما يحملونه من أسرار قابلة للفضح، والطرف الثاني يمثله الشخصيات المنشقة عن النظام لكنها لا تشكل جزءا من المعارضة، المؤمنة بحقها في مغانم السلطة.